نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 498
وقد ذكر العباس - رضي الله عنه - نفسه، أنه كان مسلماً وإنما خرج مستكرهاً [1]، وعندما وصل أبا حذيفة كلامُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا، قال ذلك القول الذى ندم عليه بعد ذلك وهو: «أنقتل آباءنا وآبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه - أو لألجمنه - بالسيف، فبلغت مقالته رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال لعمر: «يا أبا حفص! أيضرب وجه عم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بالسيف؟» فقال عمر: «يا رسول الله، دعنى فلأضرب عنقه بالسيف، فوالله لقد نافق». فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التى قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عنى الشهادة؛ فقتل يوم اليمامة شهيداً [2].
وقد يظن بعضهم مثل هذا الظن من محاباة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأقربائه، ولكنه لا يظل خائفاً من هذا الظن، لا يعتقد غير الشهادة، والموت في سبيل الله هو الذى ينجيه منه، بل يظن
بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك وهو لا يبالى بالوقوع الضال في عرضه الشريف، والبالغ أسوأ دركات الظن به؛ لأن قوله ذلك إنما هو عن الله تعالى، فهو لا ينطق عن الهوى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هذا الأول في هذا الموقف، والتدليل على سوء الظن.
الثاني: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بعدم قتل أبى البخترى، وليس عماً له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا من أبناء عمومته، ولكن لمواقفه المشكورة مع المسلمين في مكة.
الثالث: في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيضرب وجه العباس عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسيف» ليس الاستفهام فيه لإنكار ضربه لكونه عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإلا فلِمَ منع قتل غيره، وهو ليس عماً، أو قريباً له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟! فمحمل الكلام إذاً، أيضرب وجه العباس عمِّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذى ليس هناك [1] الطبرى، جامع البيان تحقيق الشيخ أحمد شاكر (14/ 73)، وانظر د. أكرم العمرى: المجتمع المدنى (55)، وانظر د. مهدى رزق، السيرة النبوية (360). [2] باوزير، مرويات غزوة بدر (268)، حيث ذهب إلى تصحيح السند حيث هو روايه ابن اسحاق لغزو بدر، وانظر د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (350).
نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 498