نام کتاب : السيرة النبوية - دروس وعبر نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 148
الأنصار، من بكائهم حين خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، وكان مما قاله لهم: ألا تريدون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فمن فضلوا صحبة رسوله وقربهم منه وسكناه بينهم على الأموال والمكاسب، أيصح أن يقال فيهم: إنهم إنما جاهدوا للأموال والمكاسب؟
ولا معنى لأن يقال: لماذا جعل الاسلام الغنائم من نصيب المحاربين، ولم يجعلها من نصيب الدولة كما في عصرنا هذا؟ لأن القول بذلك غفلة عن طبيعة الناس، وتقاليد الحروب في تلك العصور، فلم يكن الجيش الاسلامي وحده دون الجيش الفارسي أو الرومي هوالذي يقتسم أفراده أربعة أخماس الغنائم، بل كان ذلك شأن الجيوش كلها، ولو أن مجتهداً اليوم ذهب إلى أن غنائم الجيش الاسلامي في عصرنا الحاضر تعطى للدولة، لما كان بعيداً عن فقه هذه المسألة وفق مبادئ الاسلام وروحه.
ثانياً: ... أن إغداق العطاء للذين أسلموا حديثاً، يدل على حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بطبائع قومه، وبعد نظرة في تصريف الأمور، فهؤلاء الذين ظلوا يحاربون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمتنعون عن قبول دعوته، حتى فتح مكة، والذين أظهر بعضهم الشماتة بهزيمة المسلمين أول المعركة، لا بد من تأليف قلوبهم على الاسلام، وإشعارهم بفضل دخولهم فيه من الناحية المادية التي كانوا يحاربونه من أجلها، إذ كانوا - في الحقيقة - إنما يحاربونه وهم أشراف القوم إبقاء على زعامتهم، وحفاظاً على مصالحهم المادية، فلما
نام کتاب : السيرة النبوية - دروس وعبر نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 148