لقد تشرب الصحابة رضي الله عنهم معنى الإطعام الجميل، فسبقوا إليه وأكثروا منه حتى لام بعضهم بعضاً من الإكثار منه، فذات يوم لقي عمر بن الخطاب صهيباً الرومي، فقال له: أي رجل أنت؛ لولا خصال ثلاث فيك! فقال صهيب: وما هن؟
فقال: اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم، وفيك سرف في الطعام.
فقال صهيب: أما قولك: اكتنيت ولم يولد لك؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كناني أبا يحيى.
وأما قولك: انتميتَ إلى العرب ولست منهم، وأنت رجل من الروم؛ فإني رجل من النمر بن قاسط، فسبَتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام عرفتُ نسبي.
وأما قولك: فيكَ سرف في الطعام؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خياركم من أطعم الطعام»، فذلك الذي يحملني على أن أطعم الطعام [1]. [1] أخرجه أحمد ح (23411)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (44).