فيها موكول إليهم فقط ابتزاز الأموال من الرعية, دون أن يكون من مهامهم توفير الرفاهية لها, أو تحسين أحوال الناس وتلبية مطالبهم, وامتثل عمرو بن العاص لأوامر الخليفة عمر, وسأل (بنيامين) أسقف مصر, سأله عن خير وسيلة لإدارة البلاد, وتنظيم أمورها, فأشار (بنيامين) بما يلي:
قال له: يا أمير: عليك أن تأتي عمارتها -أي مصر- من وجوه خمسة: أن يُستخرج خراجها في إبَّان واحد, عند فراغ أهلها من زروعهم, يعني في وقت واحد, عندما يفرغ الأهالي من حصد الزراعات, ويرفع خراجها في إبان واحد, عند فراغ أهلها من عصر كرومهم, يعني يؤخذ منهم الخراج في وقت واحد, عندما ينتهون من عصير العنب الذي كانوا يزرعونه, وأيضًا تحفَر خلجانها, وتسَد ترعها, وجسورها, هذه كانت الوصية.
وعلق (بنيامين) على اشتراط أن لا يختار عاملًا ظالمًا ليلِي أمور الناس؛ لأنه رجل الإدارة المسئول عن تنفيذ الشروط الأخرى, التي رأى ضرورة توافرها لعمران البلاد.
وسار عمرو بن العاص فعلًا على هدي أقوال (بنيامين) المصري, إذ أتاح للأهالي الاشتراك معه في إدارة البلاد, وذلك بما يهيئ لهم الإفادة من عدالة الإدارة الإسلامية, مع الاحتفاظ -في الوقت نفسه- بما ألفوه من نظم إدارية في ظل الدولة البيزنطية.
الدواوين التي أنشاها عمر بن الخطاب
ونحن بصدد الحديث عن الإدارة في عهد عمر بن الخطاب, من الواجب علينا أن نلقي الضوء على بعض الأنظمة التي أنشأها وابتدعها الخليفة عمر بن الخطاب,