الإدارة عند الأمويين
ظلت القواعد التي وضعها الخليفة عمر بن الخطاب تمثّل الأساس المتين للتنظيم الإداري طوال عهد الخلفاء الراشدين، وتمثل المقياس السليم الذي يلجأ إليه الناس لتقييم الولاة وسيرتهم، وبدأ هذا المقياس يسجل هزات عنيفة منذ أواخر خلافة عثمان بن عفان إذ انطلقت في ذلك الوقت مطامع أقرباءه من بني أمية، وعمدوا إلى استغلال صلة القربى بينهم وبين هذا الخليفة لتحقيق أمانيهم في السيطرة على أكبر مراكز الدولة، وأثار هذا العمل مشاعر الناس؛ لأنهم أحسّوا باختلال التنظيم الإداري الذي وضعه لهم عمر بن الخطاب، وكشف السخط الذي ساد ولايات الدولة الإسلامية أواخر عثمان بن عفان والذي اشتهر باسم الفتنة كشف هذا السخط عن الارتباط بين النظامين السياسي والإداري في الدولة الإسلامية ومدى تأثر كل منهما بالآخر، فعندما اضطرب حبل التنظيم الإداري انفرط عقد النظام السياسي ودفع الخليفة عثمان بن عفان حياته ثمنًا لهذا الاضطراب الإداري في الدولة، وعجز الخليفة الجديد وهو عليّ بن أبي طالب عن السيطرة على الموقف؛ لأنه لم يستطع إقرار التنظيم الإداري للدولة الإسلامية، فقد كانت وجهة نظر هذا الخليفة أن يعزل كافة عمال عثمان بن عفان ومن بينهم معاوية بن أبي سفيان باعتبارهم سبب الفتنة التي سادت الدولة الإسلامية، واختار نفرُا آخر من العمال وبعث بهم إلى حواضر الولايات الإسلامية، غير أن العامل الذي بعث به إلى إقليم الشام عجز عن دخول هذا الإقليم حيث تصدى