بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(المحتسب عليه (2))
ولاة الأمر، وحدود طاعتهم، ومنزلتهم في الإسلام
إن الحمد الله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض ليقوم بعمارة الأرض، ويسعى خلال فترة هذه الخلافة لتحقيق الغاية الكبرى وراء خلقه، ألا وهي عبادة الله تعالى كما قال -عز وجل-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56).
وهذه الخلافة وإقامة أي مجتمع إنساني في الأرض تقتضي وجود سلطة تنظم حياة الناس ومعاشهم، وتحل مشاكلهم، والإسلام قد أولى قيام هذه السلطة اهتمامًا كبيرًا، بل وجعل طاعة من يقوم بهذه السلطة من طاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- طالما ظل يطبق منهج الله في أرضه وبين خلقه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59)، فمن هو ولي الأمر الواجبة طاعته والذي تبذل له النصيحة؟ إن ولي الأمر معنًى يشمل أصحاب الكلمة والنفوذ من الرئاسات الدينية، والإدارية، والتنفيذية، وأهل العقد.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وأولي الأمر في الآية أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة، وأهل العلم والكلام، فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء، والأمراء، فإذا صلحوا صلح الناس، كما قال أبو بكر -رضي الله عنه- للأحمسية التي سألته: ما بقاؤنا على هذا الأمر -يعني: من الصواب والخير-؟ قال: "ما استقامت لكم أئمتكم"، ويدخل فيهم الملوك، والمشائخ، وأهل الديوان، وكل من كان متبوعًا، فإنه من أولي الأمر، لكن إذا أطلق ولي الأمر في المجتمع فهو ينصرف إلى الحاكم الخليفة، أو