الرد على من يتعلل بأن الدعوة إلى الله تسبب له تعبًا ونصبًا لا يستطيع تحمله
وقد يتشبث البعض بشبهة أخرى تقوم على فهم سقيم لقول رب العالمين: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (البقرة: 286) فيتعلل بأن الدعوة إلى الله تسبب له تعبًا ونصبًا لا يستطيع تحمله.
والواقع أن هذه حجة ضعاف الإيمان رقيقي الدين، فإن التعب المزعوم ينالهم في سعيهم للظفر بمآرب الدنيا التافهة كالحصول على ربح مادي زهيد مثلًا، فأولى بهم أن يتحملوا شيئًا من التعب في الحسبة، وفي هذا التعب أجر عظيم لهم، والحقيقة أن التعب المزعوم يسير وبسيط، فهل هناك تعب شديد في تعليم الجاهل أمور الإسلام؟ وهل هناك تعب شديد في عرض الإسلام على الكافر الذي لم يسمع بالإسلام؟ وهل يتعب إذا حرك لسانه بالكلام الطيب؟ أو يتعب فكره إذا فكر في أمور الإسلام؟ وهل يتعب تعبا لا يطاق إذا تيسر له السفر إلى المجتمعات الوثنية يدعوها إلى الله؟.
إن المسلم أولى من غيره بأن يتعب في سبيل الله، وفي سبيل نشر دين الله -عز وجل- والله -سبحانه وتعالى- قد قال ردًّا على هؤلاء الذين يخوفهم الشيطان من التعب والنصب؛ فقال تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} (النساء: 104)، فإذا كان أهل الباطل جادين في الدعوة إلى باطلهم يسافرون من هنا وهناك، وينامون في العراء يفترشون الثرى، ويلتحفون الثريا في سبيل نشر باطلهم، فأولى بذلك أهل الحق أصحاب الإسلام.
وعلى هذا الذي يخوفه الشيطان من التعب والنصب أن يتذكر أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحملوا كثيرًا في الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله.