الحسبة في عهد الخليفة عثمان، وعلي -رضي الله عنهما-
أما الحسبة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقد سارت على الطريقة نفسها التي سارت عليها في عهد من سبقه من الخلفاء، وقد أولاها -رضي الله عنه- عناية خاصة بالإشراف على مصالح المسلمين، ومن ذلك ما يتعلق بالحسبة في الأسواق وغيرها، ومن حسبته على ولاته الذين أمرهم على الأنصار أنه كتب إليهم في أول ولايته يقول: "أما بعد؛ فإن الله أمر الأئمة أن يكون رُعاة، ولم يتقدم إليهم أن يكون جباة، وإن صدر هذه الأمة قد خُلقوا رعاة ولم يخلقوا جباة، وليوشكن أئمتكم أن يكون جباة ولا يكونوا رعاة، فإن عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء، فعليكم أن تنظروا في أمور المسلمين وفيما عليهم، فتعطوهم ما لهم وتأخذوا بما عليهم، ثم تثنوا بأهل الذمة فتعطوهم الذي لهم، وتأخذوا بالذي عليهم، ثم العدو والذي تنتابون، فاستفتحوا عليهم بالوفاء".
أما احتسابه -رضي الله عنه- بنفسه؛ فقد كان ينهى الناس عن اللعب بالنرد، وأمرهم بتحريقه أو كسره، ومن احتسابه أنه منع الناس من الانشغال في طيران الحمام، وكان من احتسابه أيضًا أن كان ينكر على من يراه على شر أو كان يحمل معه سلاحًا، ويأمر بإخراجه من المدينة.
أما الحسبة في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ففي المسار نفسه وعلى الطريقة نفسها، كان يتم الاحتساب في عهده رضي الله عنه، وقد باشر -رضي الله عنه- الحسبة بنفسه.
ومن أظهر احتسابه في شأن الصلاة: أنه -رضي الله عنه- كان شديد الاهتمام بأمر الصلاة، وكان يمر بالطريق مناديًا الصلاة الصلاة، كان يُوقظ بذلك الناس في صلاة الفجر، يحدث ابنه الحسن -رضي الله عنه- عن خروجه في اليوم الذي طُعن فيه من بيته فيقول: فلما خرج من البيت نادى: "أيها الناس الصلاة الصلاة"، وكذلك كان يصنع