وقد نقل الحافظ ابن حجر عن الإمام القرطبي وغيره أنهم قالوا في شرح الحديث: "ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء به من الدين مثلًا بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث، فمنهم العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة، شربت فانتفعت في نفسها، وأنبتت، فنفعت غيرها".
ومما يدل على أهمية العمل بالعلم، وأثر السلوك في الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-: ما ثبت من استعاذة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- من علم لا ينفع، فقد روى الإمام مسلم عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: ((لا أقول إلا كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)).
وروى الإمام النسائي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ من أربع: من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع)).
أهمية العمل بالعلم للمحتسب من القرآن والسنة والشعر
ومما يدل على أهمية العمل بالعلم للمحتسب وأثره في الدعوة إلى الله تعالى: ما ورد من توبيخ، وتقريع لمن خالف عمله قوله في الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، وأقوال أهل العلم، وكلام الشعراء؛ فأما ما جاء في ذم من خالف فعله قوله في الكتاب العزيز: فمنه قول الله -تبارك وتعالى-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (البقرة: 44).