نام کتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 113
«بَلْ نَبِيًّا عَبْدًا»، ثَلاَثًا (*) وفي رواية أخرى أَنَّ إِسْرَافِيلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ أَمَلِكًا أَجْعَلُكَ أَمْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ - قَالَ: «لاَ بَلْ عَبْدًا رَسُولاً» فظاهر نص الحديث أن النبي لم يكن يجد شيئًا وأن إسرافيل عرض عليه أن يحول له الجبال زمردًا وياقوتًا وفضة وذهبًا، ولم يعرض عليه ممالك ولا بلادًا فاختار أن يبقى كما هو، والأصل أن لفظ ملك يعني لغة كثرة الملك، فيقال لمن يملك الأموال الكثيرة أنه ملك، ويقال للواحد من الملوك الحاكمين أنه ملك لأنه عادة يملك المال الكثير كما يملك الحكم، فإذا كان الرسول يشكو الفقر وكان ما عرض عليه هو المال فقط فيكون الملك الذي رفضه هو ملك المال لا ملك الحكم.
وأخيرًا فإن الملك والإمارة والخلافة والإمامة في قديم الزمان إنما كانت تدل على سلطان الحكم قبل أن تدل على شيء آخر، وهذا داود - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - آتاه الله الملك وجعل له الخلافة في الأرض ولم يجعل لملكه وخلافته إلا مقتضى واحدًا هو أن يحكم بين الناس بالحق {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26].
وإذا كان هذا هو أمر الملك والخلافة والإمارة في القديم، فذلك هو أمرها نفسه في العصر الحديث، فرئيس الدولة أَيًّا كان اسمه سواء أكان أميرًا أو مَلِكًا أو خليفة أو إمامًا أو زعيمًا أو رفيقًا أو رئيس جمهورية إنما يمثل سلطان الدولة، وما للدولة من سلطان إلا سلطان الحكم.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) انظر " المعجم الأوسط " للطبراني: تحقيق طارق بن عوض الله بن محمد , عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، 7/ 88، حديث رقم 6937، طبعة سنة: 1415 هـ - 1995 م، نشر دار الحرمين للطباعة والنشر والتوزيع - القاهرة.
نام کتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 113