نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 155
الأولى: علمه أن النجاة من الشقاء والضلال: إنما هي في البصيرة فمن لا بصيرة له: فهو من أهل الضلال في الدنيا والشقاء في الآخرة والبصيرة نور يجعله الله في عين القلب يفرق به العبد بين الحق والباطل ونسبته إلى القلب: كنسبة ضوء العين إلى العين وهذه البصيرة وهبية وكسبية فمن أدار النظر في أعلام الحق وأدلته وتجرد لله من هواه: استنارت بصيرته ورزق فرقانا يفرق به بين الحق والباطل.
الثاني: أن يعلم أن الاستقامة إنما تكون بعد الثقة أي لا يتصور حصول الاستقامة في القول والعمل والحال إلا بعد الثقة بصحة ما معه من العلم وأنه مقتبس من مشكاة النبوة ومن لم يكن كذلك فلا ثقة له ولا استقامة.
الثالث: أن يعلم أن البينة وراء الحجة والبينة مراده بها: استبانة الحق وظهوره وهذا إنما يكون بعد الحجة إذا قامت استبان الحق وظهر واتضح وفيه معنى آخر وهو: أن العبد إذا قبل حجة الله بمحض الإيمان والتسليم والانقياد: كان هذا القبول هو سبب تبينها وظهورها وانكشافها لقلبه فلا يصبر على بينة ربه إلا بعد قبول حجته
وفيه معنى آخر أيضا: أنه لا يتبين له عيب عمله من صحته إلا بعد العلم الذي هو حجة الله على العبد فإذا عرف الحجة اتضح له بها ما كان مشكلا عليه من علومه وما كان معيبا من أعماله.
وفيه معنى آخر أيضا: وهو أن يكون وراء بمعنى أمام والمعنى: أن الحجة إنما تحصل للعبد بعد تبينها فإذا لم تتبين له لم تكن له حجة يعني فلا يقنع من الحجة بمجرد حصولها بلا تبين فإن التبين أمام الحجة والله أعلم) [1].
قال صاحب المنازل رحمه الله: (الدرجة الثانية: أن ترضى بما رضي الحق به لنفسه عبدا من المسلمين أخا وأن لا ترد على عدوك حقا وأن تقبل من المعتذر معاذيره) [2].
قال ابن القيم: (يقول:- أي الهروي-إذا كان الله قد رضي أخاك المسلم لنفسه عبدا أفلا ترضى أنت به أخا فعدم رضاك به أخا وقد رضيه سيدك الذي أنت عبده عبدا لنفسه عين الكبر وأي قبيح أقبح من تكبر العبد على عبد مثله لا يرضى بأخوته وسيده راض بعبوديته؟
فيجيء من هذا: أن المتكبر غير راض بعبودية سيده إذ عبوديته توجب رضاه بأخوة عبده وهذا شأن عبيد الملوك فإنهم يرون بعضهم خشداشية [3] بعض.
ومن ترفع منهم عن ذلك: لم يكن من عبيد أستاذهم.
قوله: (وأن لا ترد على عدوك حقا) أي لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض فتقبله من عدوك كما تقبله من وليك وإذا لم ترد عليه حقه فكيف تمنعه حقا له قبلك بل حقيقة التواضع أنه إذا جاءك قبلته منه وإذا كان له عليك حق أديته إليه فلا تمنعك عداوته من قبول حقه ولا من إيتائه إياه.
وأما (قبولك من المعتذر معاذيره) فمعناه: أن من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته حقا كانت أو باطلا وتكل سريرته إلى الله تعالى كما فعل رسول الله في المنافقين الذين تخلفوا عنه في الغزو فلما قدم جاءوا يعتذرون إليه فقبل أعذارهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى وعلامة الكرم والتواضع: أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه وقل يمكن أن يكون الأمر كما تقول ولو قضي شيء لكان والمقدور لا مدفع له ونحو ذلك) [4].
قال صاحب المنازل رحمه الله: (الدرجة الثالثة: أن تتضع للحق فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة ورؤية حقك في الصحبة وعن رسمك في المشاهدة) [5]. [1] ((مدارج السالكين)) (3/ 124) [2] ((مدارج السالكين)) (3/ 126) [3] الخشداش: لفظ فارسي معناه: الزميل في الخدمة، والخشداشية: هم الأمراء الذين نشؤوا مماليك عند سيد واحد فنبتت بينهم رابطة الزمالة. [4] ((مدارج السالكين)) (3/ 126) [5] ((مدارج السالكين)) (3/ 127)
نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 155