نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 454
نماذج للعلماء المتقدمين في علو الهمة:
1 - أبو الفرج ابن الجوزي:
يصف ابن الجوزي علو همته في طلب العلم وهو يخاطب ابنه فيقول:
(وانظر يا بني إلى نفسك عند الحدود، فتلمَّح كيف حِفظُكَ لها؟ فإنه من راعى رُوعي، ومن أهملَ تُرِك ... فإني أذكر نفسي ولي همةٌ عالية وأنا في المكتب ولي نحو من ست سنين، وأنا قرينُ الصبيان الكبار قد رُزِقتُ عقلاً وافرًا في الصغر يزيدُ على عقلِ الشيوخ، فما أذكر أني لعبتُ في طريقٍ معَ صبيٍ قط، ولا ضحِكتُ ضحكًا جارحًا، حتى إني كنتُ ولي سبعُ سنين أو نحوُها أحضرُ رحبةَ الجامع، ولا أتخيّرُ حلقةَ مشعبذٍ، بل أطلب المحدّث، فيتحدث بالسند الطويل، فأحفظُ جميعَ ما أسمع، وأرجع إلى البيت فأكتبه.
ولقد وُفِّقَ لي شيخنا أَبُو الفضل ابن ناصر رحمه الله، فكان يحملني إلى الأشياخ، وأسمعني (المسندَ) وغيرَه من الكتب الكبار، وأنا لا أعلم ما يُراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت، فناولني ثبتها، ولازمته إلى أن توفي رحمه الله، فأدركتُ به معرفة الحديث والنقل.
ولقد كان الصبيان ينزلون دِجلة، ويتفرجون على الجسر، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءًا، وأقعد حُجزةً من الناس إلى جانب الرِّقة فأتشاغلُ بالعلم) [1].
ثم قال: (ولم أقنع بفن واحد من العلم، بل كنت أسمع الفقه والوعظ والحديث وأتّبع الزهاد. ثم قرأت اللغة ولم أترك أحدًا ممن قد انزوى أو يعظ، ولا غريبًا يقدُمُ إلا وأحضره وأتخيّر الفضائل ... ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفَسي من العَدْوِ لئلا اُسبَق، وكنت أصبح وليس لي ما آكل، وأمسي وليس لي شيء، وما أذلني الله لمخلوق، ولكنه ساق رزقي لصيانة عِرضي، ولو شرحتُ أحوالي لطال الشرح) [2].
2 - يحيى بن شرف النووي:
كان النووي عالي الهمة في طلب العلم منذ صغره، فقد ذكر ابن داود العطار عن ياسين بن يوسف المراكشي قال: (رأيت الشيخ محيي الدين، وهو ابن عشر سنين بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي، لإكراههم، ويقرأ القرآن في هذه الحالة فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن، فوصيته به، وقلت له: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجم أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام [3]. [1] ((لفتة الكبد في نصيحة الولد)) لابن الجوزي (ص10). [2] ((لفتة الكبد في نصيحة الولد)) لابن الجوزي (ص11) بتصرف. [3] ((طبقات الشافعية الكبرى)) للسبكي (8/ 396 - 397).
نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 454