نام کتاب : كيف نغير ما بأنفسنا نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 10
وعلى قدر اجتهادنا في الأخذ بما يتاح أمامنا من أسباب نكون قد حققنا شرطا مهما من شروط النصر والتغيير، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسباب بعينها لن تحقق لنا النصر {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران/126]، واجتهادنا في تحصيلها يأتي امتثالا لأمر الله، وتنفيذا لمقتضى سننه التي ربطت الأسباب بمسبباتها .. فمن يريد السفر من مكان إلى مكان آخر فعليه اتخاذ سبب ووسيلة يسافر من خلالها مهما كان صلاحه وتقواه .. هذه الوسيلة في حقيقتها لا تملك القدرة على السير بهذا الشخص وتوصيله إلى المكان الذي يريد، فما هي إلا ستار وشكل تتنزل من خلاله القدرة الإلهية، والقرآن مليء بالآيات التي تقرر هذه الحقيقة، كقوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس/41]، وقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الإسراء/70].
وعندما عرض القرآن قصة نوح عليه السلام والسفينة التي ظل فترة طويلة يصنعها بوحي من الله عز وجل ليستخدمها عند حدوث الطوفان لينجو بها هو ومن معه .. هذه السفينة يخبرنا الله سبحانه وتعالى بحقيقتها وأنها لا تملك قدرة ذاتية تمكنها من السير في البحر فما هي إلا ألواح من الخشب، ومسامير من الحديد، أما الذي يسيرها ويمدها بالقدرة على الحركة فهو الله وحده لا شريك له .. ويقرر القرآن هذه الحقيقة بقوله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر/13، 14].
فلابد إذن من وجود السبب لتتنزل من خلاله القدرة الإلهية، وفي نفس الوقت فإن السبب لا قيمة له بدون المدد الإلهي: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال/17].
نام کتاب : كيف نغير ما بأنفسنا نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 10