وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [1] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم المؤمنين جويرية: «لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله مداد كلماته». أخرجه مسلم في صحيحه. فمعناه أنه سبحانه يستحق التسبيح بعدد ذلك؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: [2] «ربنا ولك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما. وملء ما شئت من شيء بعد». ليس المراد أنه سبح تسبيحًا بقدر ذلك. فالمقدار تارة يكون وصفًا لفعل العبد، وفعله محصور. وتارة يكون لما يستحقه الرب، فذاك الذي يعظم قدره؛ وإلا فلو قال المصلي في صلاته: سبحان الله عدد خلقه. لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة. ا. هـ.
وقال في بيان تلبيس الجهمية: [3] المقصود بالحديث نهاية ما يمكن من الوزن؛ كما ذكره وغاية ما يمكن من المعدود، وغاية ما يمكن من القول، والمحبوب هو كلام الرب ورضاه وذكر. ا. هـ.
وقال في الرسالة العرشية: [4] فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان. ا. هـ.
والمقصود مما تقدم أن الذكر المضاعف المذكور في الحديث هو ذكر فاضل في نفسه، وبما يقوم بقلب صاحبه من التعظيم والتنزيه لله جل وعلا، وحينئذ قد يكون من يأتي به خيرًا ممن ذكر الله أكثر من ذكره؛ دون هذا الذكر وقد يكون مثله وقد يكون دونه، وذلك لأن الذاكر عابد فما يقوم بقلبه من الخشوع والتعظيم موجب لأفضليته من [1] إقامة الدليل على إبطال التحليل (3/ 99)، والاستقامة لابن تيمية (1/ 213). [2] مسلم (رقم:477). [3] بيان تلبيس الجهمية (1/ 575). [4] الرسالة العرشية (ص: 10).