وقال ابن كثير في تفسيره ما نصه: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداء ولا جهرًا بليغًا؛ ولهذا لما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أقريبِ ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. (1)
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا؛ إن الذي تدعونه سميع قريب» [2].ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام في كتاب الاستقامة ما نصه: [3] الوجه السادس: أن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز؛ إلا حيث جاءت به السنة؛ كالأذان والتلبية ونحو ذلك، فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعًا شديدًا؛ كما ثبت في الصحيح: [4] عن أبي موسى أنه قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنا إذا علونا على شرف كبرنا فارتفعت أصواتنا، فقال: «يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته».
وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].
(1) رواه الطبري في تفسيره 3/ 480. [2] البخاري (رقم: 4205) ومسلم (رقم: 2704). [3] الاستقامة 1/ 322. [4] سبق تخريجه.