رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة؛ ذرفت منها العيون، وجلت منها القلوب» الحديث. (1)
فقال الإمام الآجري العالم السني أبو بكر: ميزوا هذا الكلام؛ فإنه لم يقل: صرخنا من موعظة، ولا زعقنا، ولا طرقنا على رؤوسنا، ولا ضربنا على صدورنا، ولا زفنّا، ولا رقصنا. كما يفعل كثير من الجهال؛ يصرخون عند المواعظ ويزعقون ويتغاشون.
قال: وهذا كله من الشيطان يلعب بهم، وهذا كله بدعة وضلالة، ويقال لمن فعل هذا: اعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصدق الناس موعظة، وأنصح الناس لأمته، وأرق الناس قلبًا، وخير الناس من جاء بعده، لا يشك في ذلك عاقل؛ ما صرخوا عند موعظته ولا زعقوا ولا رقصوا ولا زفنوا، ولو كان هذا صحيحا؛ لكانوا أحق الناس بهذا أن يفعلوه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه بدعة وباطل ومنكر، فاعلم ذلك. انتهى كلامه، وهو واضح فيما نحن فيه. ا. هـ.
فائدة: أخرج أبو داود في سننه: [2] من طريق معاوية بن صالح، يحدث عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر [3] - رضي الله عنه -،
(1) أخرجه أحمد (رقم: 17184) أبو داود (رقم: 4609) والترمذي (رقم: 2676) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. [2] أبو داود (رقم: 169) [3] هو: عقبة بن عامر بن عيسى الجهني، يكنى أبا حماد. وقيل غير ذلك. كان قارئًا عالمًا بالفرائض والفقه، قديم الهجرة والسابقة والصحبة. وهو أحد من جمع القرآن. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر، وروى عنه أبو أمامة وابن عباس وقيس بن أبي حازم وآخرون. ولي إمرة مصر من قبل معاوية سنة 44 هـ. انظر: تهذيب التهذيب 7/ 242. والاستيعاب 3/ 1073.