الثالث: قوله إذا قرأ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 2]. قال: سبحانك فبلى.
فإن كانت عمدته ما ورد هنا فلا يثبت. مع أن سياقه مختلف، وإن أراد أن الموضع هنا آية تسبيح في المعنى فنعم.
وهنا أنقل كلامًا للموفق أبي محمد من المغني [1] حيث قال ما نصه: وعن علي، أنه قال له رجل من الخوارج، وهو في صلاة الغداة، فناداه: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] قال: فأنصت له حتى فهم، ثم أجابه وهو في الصلاة: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]. احتج به أحمد، ورواه أبو بكر النجاد، بإسناده. ولأن ما لا يبطل الصلاة ابتداء لا يبطلها إذا أتى به عقيب سبب، كالتسبيح لتنبيه إمامه. قال الخلال: اتفق الجميع، عن أبي عبد الله، على أنه - لا يرفع صوته - يعني: العاطس لا يرفع صوته - بالحمد، وإن رفع فلا بأس؛ بدليل حديث الأنصاري.
وقال أحمد، في الإمام يقول: «لا إله إلا الله». فيقول من خلفه: «لا إله إلا الله» يرفعون بها أصواتهم، قال: يقولون، ولكن يخفون ذلك في أنفسهم. وإنما لم يكره أحمد ذلك، كما كره القراءة خلف الإمام؛ لأنه يسير لا يمنع الإنصات، فجرى مجرى التأمين. قيل لأحمد: فإن رفعوا أصواتهم بهذا؟ قال: أكرهه. قيل: فينهاهم الإمام؟ قال: لا ينهاهم. قال القاضي: إنما لم ينههم؛ لأنه قد روي عن [1] المغني 2/ 44.