والفرق بين الغفلة والنسيان: أن الغفلة ترك باختيار الغافل، والنسيان ترك.
وقال: [1] والمقصود: أن الغفلة هي نوم القلب عن طلب هذه الحياة، وهي حجاب عليه، فإن كشف هذا الحجاب بالذكر وإلا تكاثف حتى يصير حجاب بطالة ولعب واشتغال بما لا يفيد، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب معاص وذنوب صغار تبعده عن الله، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب كبائر توجب مقت الرب تعالى له وغضبه ولعنته، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب بدع عملية يعذب العامل فيها نفسه، ولا تجدي عليه شيئًا، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب بدع قوليه اعتقاديه؛ تتضمن الكذب على الله ورسوله، والتكذيب بالحق الذي جاء به الرسول، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب شك وتكذيب؛ يقدح في أصول الإيمان. الخ كلامه.
قلت: وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]. وقال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29]. فأمر بالإعراض عن أهل الغفلة وترك طاعتهم.
ويمكن تلخيص القول بأن من يشهد الفرائض خرج من الغفلة المذمومة، ولكن لا يكون من الذاكرين كثيرًا كما تقدم في ضبط من يكون كذلك والله المستعان. [1] مدارج السالكين 3/ 267.