لينال أجر ذلك.
الخامسة: أن ثواب المصيبة أكثر منها كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزمر: 10].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» متفق عليه [1].
وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه مشاهد:
الأول: مشهد القدر، وأن ما جرى عليه بمشيئة الله وقدره، لا يمكن دفعه، فيراه كالتأذي بالحر والبرد، والمرض والألم، وانقطاع الأمطار.
فإن الكل أوجبته مشيئة الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: مشهد الصبر، فيشهده ويشهد وجوبه، وحسن عاقبته، وجزاء أهله، وما يترتب عليه من الغبطة والسرور، ويخلصه من ندامة المقابلة والانتقام، فما انتقم أحد لنفسه قط إلا أعقبه الله ذلك ندامة.
الثالث: مشهد العفو والصفح والحلم، فإن ذلك يورث من الحلاوة والطمأنينة والسكينة ما ليس في الانتقام، ومن عفا وصفح عمن أساء إليه غفر الله له.
الرابع: مشهد الرضا، وهو فوق مشهد العفو والصفح، وهذا لا يكون إلا للنفوس المطمئنة، خاصة إن كان ما أصيب به سببه القيام لله.
وهذا شأن كل محب صادق، يرضى بما يناله في رضى محبوبه من المكاره، ومتى تسخط وتشكى منه، كان ذلك دليلاً على كذبه في محبته.
الخامس: مشهد الإحسان، وهو أرفع مما قبله، وهو أن يقابل إساءة المسيء إليه بالإحسان، فيحسن إليه كما أساء هو إليه.
ويهون هذا عليه علمه بأنه قد ربح عليه، وأنه قد أهدى إليه حسناته، فينبغي لك أن تشكره وتحسن إليه بما لا نسبة له إلى ما أحسن به إليك، فهذا المسكين قد [1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5641) واللفظ له، ومسلم برقم (2573).