«إِنَّمَا أنْتِ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشَاءُ مِنْ عِبَادِي» متفق عليه [1].
فهذه رحمة مخلوقة، مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق، وسماها رحمة، لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة، وخص بها أهل الرحمة، وإنما يدخلها الرحماء، ومنه تسمية المطر رحمة، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة» متفق عليه [2].
الثانية: إضافة صفة إلى موصوف، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» أخرجه النسائي في الكبرى والحاكم [3].
فالرحمة هنا صفة لله يستغاث بها، ولا يستغاث بمخلوق.
ألا ما أعظم رحمة الله بهذه الأمة، حيث أنزل عليهم أحسن كتبه، وأرسل إليهم أفضل رسله، وشرع لهم أفضل شرائع دينه، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)} [يونس: 57].
فالهدى هو العلم بالحق والعمل به، والرحمة هي ما يحصل من الخير والإحسان، والثواب العاجل والآجل لمن اهتدى به من المؤمنين، وإذا حصل الهدى، وحلت الرحمة الناشئة عنه، حصلت السعادة والفلاح، وتم الفرح والسرور.
ولذلك أمرنا الله عزَّ وجلَّ بالفرح بالقرآن الذي هو أعظم نعمة ومنة، والفرح بالإيمان وعبادة الله التي يحصل بها الأنس والطمأنينة، واللذة والسكينة كما قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا [1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4850)، ومسلم برقم (2846)، واللفظ له. [2] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6469)، واللفظ له ومسلم برقم (2752). [3] صحيح: أخرجه النسائي برقم (10405) وأخرجه الحاكم برقم (2000).
انظر صحيح الترغيب رقم (654) وانظر السلسلة الصحيحة رقم (227).