وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ أجْراً» أخرجه مسلم [1].
وهذه اللذة تزيد وتتضاعف بحسب ما عند العبد من الإقبال على الله، وإخلاص العمل له، والرغبة في الدار الآخرة، وهذا أطيب نعيم ينال من الدنيا، فخير الدنيا والآخرة يناله العبد، قلب شاكر، ولسان ذاكر، وزوجة حسناء، إن نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله.
فالفرح والسرور يحصل ويكمل بمعرفة المحبوب وإرادته وإيثاره ومحبته.
والألم والحزن والهم والغم ينشأ من عدم العلم بالمحبوب، أو من عدم إرادته وإيثاره مع العلم به، أو من عدم إدراكه والظفر به مع محبته وإرادته، وهذا من أعظم الألم.
ولهذا يكون ألم الإنسان في البرزخ وفي دار الحيوان بفوات محبوبه أعظم من ألمه بفواته في الدنيا، لمعرفته هناك بكمال ما فاته ومقداره، وشدة حاجته إليه، وشوق نفسه إليه هناك، وحصول ضده المؤلم له، فيا لها من مصيبة ما أوجعها وما أشدها؟.
وأين هذا ممن يلتذ في الدنيا بكل ما يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى من الأكل والشرب، واللباس والنكاح والجهاد، فضلاً عما يلتذ به من معرفة ربه وحبه له، وتوحيده، والإنابة إليه، والتوكل عليه، وفرح القلب، وسروره بقربه.
وهذه اللذة لا تزال في الدنيا في زيادة، فإذا تجردت الروح وفارقت دار الأحزان والآفات، واتصلت بالرفيق الأعلى، وأفضت إلى دار النعيم، فهناك من أنواع اللذة والبهجة والسرور ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
فبؤساً للنفوس الدنيئة التي لا يهزها الشوق إلى ذلك طرباً وطلباً، تجول حول الحشى إذا جالت النفوس العلوية حول العرش، وتندس في الأحجار إذا طارت [1] أخرجه مسلم برقم (1006).