ألا إنها الغفلة أن يعرض الناس عن ربهم ويكفروا، ثم يأمنوا أخذه وبطشه، وهم يتوجهون إليه وحده في الشدة، ثم ينسونه بعد النجاة: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)} [الإسراء: 67 - 69].
فإن أعرض الناس عن ربهم في الشدة والرخاء، فتلك الطامة الكبرى، والتي بعدها تتنزل العقوبة فوراً كما قال سبحانه: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)} [الجن: 17].
إن السعادة في الدنيا والآخرة لا تكون إلا بالتوحيد والإيمان .. واتباع السنة .. وطاعة الله ورسوله.
والله سبحانه لم يجعل السعادة في الملك والمال، وإلا لكان فرعون وقارون من أسعد الناس.
وإنما جعل السعادة في أمرين، يسعد بهما الناس جميعاً الأمراء والعامة، والأغنياء والفقراء، والرجال والنساء وهما:
الأول: (لا إله إلا الله) لإسعاد الروح.
الثاني: (محمد رسول الله) لإسعاد البدن.
فالروح لا يسعد إلا بالتوحيد والإيمان بالله.
فنعظم الله ونكبره .. ونحمده ونشكره .. ونحبه ونتوكل عليه .. ونخافه ونرجوه .. ونعبده ونستعين به وحده لا شريك له .. وبذلك غذاؤه وشفاؤه.
والبدن لا يسعد إلا بالأحكام والسنن والآداب الشرعية.
فنصلي ونصوم، ونأكل ونشرب، ونلبس ونتزوج، ونبيع ونشتري .. وهكذا على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل عمل وحال له سنة.