وعباده المؤمنين، فهو الحامد لنفسه بهذا .. وبهذا، فإن حمد الخلق له بمشيءته وإذنه، وخلقه وتكوينه.
فإنه سبحانه هو الذي جعل الحامد حامداً، والمسلم مسلماً، والمصلي مصلياً، والتائب تائباً، وجعل من خلقه من يدعو إليه كما قال سبحانه عن آل إبراهيم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)} [الأنبياء: 73].
وكذا جعل سبحانه من خلقه من يدعو إلى النار كما قال سبحانه عن فرعون وجنوده: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)} [القصص: 41].
وهو المحمود على هذا وهذا، وله الحكمة البالغة في جميع ذلك.
فهو سبحانه ذو الفضل والإحسان، منه ابتدأت النعم، وإليه انتهت، فابتدأت بحمده، وانتهت إلى حمده، فهو سبحانه الرحيم الذي ألهم عبده التوبة، وفرح بها، وأعانه عليها، وهي من فضله وجوده.
وهو سبحانه الذي ألهم عبده الطاعة، وأعانه عليها، ثم أثابه عليها، وهي من فضله وجوده.
قال الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} ... [الحجرات: 17].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الله أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أضَلَّهُ فِي أرْضِ فَلاةٍ» متفق عليه [1].
وهو سبحانه الغني عن كل ما سواه بكل وجه، وما سواه فقير إليه بكل وجه، والعبد مفتقر إلى ربه في جميع أحواله.
والله تبارك وتعالى جميل يحب الجمال، خلق السماء وزينها بالنجوم، وخلق [1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6309) واللفظ له، ومسلم برقم (2747).