لشهواتهم .. الساجدين لأهوائهم .. المتعرضين لسخط ربهم.
ولو كنا نملك أن نمسك بكل قلب غافل فنهزه هزاً عنيفاً حتى لا يتردى في أودية الهلاك والخسران لفعلنا، ولو كنا نملك أن نفتح العيون المغمضة جفونها عن طريق الحق حتى لا تسقط في الحفر لفعلنا.
ولكن القلوب بيد الله .. يقلبها كيف يشاء .. وهو العالم وحده بمن يصلح للكرامة .. ومن يصلح للإهانة .. وحسبنا الدعوة والإشارة، والتصريح بالمودة والمحبة، والتلويح بالنصيحة، مع حسن الأدب، وخالص الدعاء بالهداية، والله بكل شيء عليم، يختص برحمته من يشاء، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
إن من البلاء العظيم أن ينثر الأعداء في ساحة المسلمين علوماً مسمومة .. وأفكاراً متباينة .. علوم كلها غث هزيل .. عسر الهضم .. يأكل الوقت .. ويميت القلب .. ويورث الشك والحيرة والجدل، ويدعو إلى الفسوق والعصيان.
فهي بين علوم لا خير فيها .. وبين علوم لا ثقة بها .. وبين ظنون كاذبة لا تغني من الحق شيئاً .. وبين أمور صحيحة لا منفعة للقلب فيها .. وبين علوم صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها مع قلة نفعها .. فهي كلحم جمل غث على رأس جبل وعر .. لا سهل فيرتقى .. ولا سمين فينتقى.
وقد نظرت بفضل الله في كثير من أمهات كتب الدين المعروفة النسب، فوجدتها عظيمة النفع جداً، ولكنها بين كبير قد يئس الحافظ منه، وصغير لا تظفر بكل المقصود منه، والمتوسط منها مبعثر الفوائد، عديم الترتيب، ناقص الأبواب.
وأكثر الكتب التي نبتت في الساحة عدا كتب السلف الأخيار، والمتقين الأبرار، جلها كحاطب ليل، يجمع الغث والسمين، والصحيح والسقيم .. والمليح والقبيح .. بعضها تمحض للخير .. وأكثرها تمحض للشر واللهو والباطل .. وغيرها مما شاع وذاع .. وملأ الأسماع والأبصار.
منها ما يهتم بالغرائب وشواذ المسائل .. ومنها ما يهتم بوجوه التفسير .. ومنها ما يهتم بسرد الأقوال في كل مسألة .. ومنها ما يهتم بالنحو والصرف .. ومنها ما