الْعَالَمِينَ (36)} [الجاثية: 36].
وأما حمده سبحانه على النعم والآلاء، فإن آلاء الله ونعمه مشهودة للخلق كلهم، برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، من جزيل مواهبه، وسعة عطاياه، وكريم أياديه، وسعة رحمته لهم، وبره ولطفه بهم.
اتخذ لعباده داراً وملأها من جميع الخيرات، وأرسل إليهم الرسل يدعونهم إليها، وفتح لهم أبواب الهداية، ويسر لهم كيفية الوصول إليها، وأماتهم على ذلك.
وذلك كله يستوجب حمده وشكره على آلائه وإحسانه وإنعامه، فلله الحمد كله على ما أنعم به من غذاء الأبدان، وله الحمد على ما تفضل به من غذاء القلوب والأرواح، وله الحمد على ما أعطى، وعلى ما منع، وعلى ما قدم وأخر، وعلى ما قضى وقدر، وعلى ما شرع وأمر.
وكمال حمده سبحانه يوجب ألا يُنسب إليه شر ولا سوء ولا نقص، لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.
والعبد إذا فعل الشر والسوء المنهي عنهما، فقد فعل الشر والسوء بإذن الله، ولله في ذلك حكمة بالغة يحمد عليها، وإن كان وقوعه من العبد عيباً وشراً، وهو سبحانه بهذا الجعل قد وضع الشيء في موضعه.
فسبحان الحكيم الحميد الذي له الحمد في الأولى والآخرة: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السموات وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لا مَانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أخرجه مسلم [1]. [1] أخرجه مسلم برقم (478).