وعبادة الله عزَّ وجلَّ باسمه الباطن تستوجب معرفة العبد بإحاطة الرب جل جلاله بالعالم العلوي والسفلي، ومعرفته بعظمته وكبريائه، وأن الخلائق كلها في قبضته، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده أصغر من الخردلة في يد الإنسان، وأنه اللطيف الذي يعلم السر وأخفى.
الباطن الذي ليس دونه شيء، وهو أقرب إلى كل شيء من نفسه، وله قرب خاص من عابديه كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} ... [البقرة: 186].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتعالى جَدُّه» متفق عليه [1].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ» أخرجه مسلم [2].
وهذا القرب من لوازم المحبة .. فكلما كان الحب أعظم كان القرب أكثر .. فتستولي محبة المحبوب على قلب العبد .. ويغلب محبوبه على قلبه حتى كأنه يراه ويشاهده .. فيرى الإله أقرب إليه من كل شيء مع كونه ظاهراً ليس فوقه شيء.
فسبحان الذي يعلم السر وأخفى، وملأ قلوب من شاء بالإيمان والتقوى. [1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2992) واللفظ له، ومسلم برقم (2704). [2] أخرجه مسلم برقم (482).