فهو سبحانه محيط بكل ظاهر وباطن، كما أنه محيط بالأوائل والأواخر.
وأسماء الله الحسنى تقتضي آثارها اقتضاء الأسباب التامة لمسبباتها.
فاسم (السميع والبصير) يقتضي مسموعاً ومبصراً.
واسم (الرزاق والرحمن) يقتضي مرزوقاً ومرحوماً.
واسم (التواب والغفور) يقتضي وجود عاص يتوب عليه، ومسيء يغفر له، وهكذا في بقية الأسماء.
ولا بدَّ من ظهور أثر الأسماء في العالم:
فإذا فرضنا أن الحيوان بجملته معدوماً، فمن يرزق الرازق سبحانه؟
وإذا كانت المعصية والخطيئة منتفية من العالم، فلمن يغفر الغفور؟ وعمن يعفو العفو؟ وعلى من يتوب التواب؟.
وإذا فرضنا الفاقات كلها قد سدت، والعبيد أغنياء معافون، فأين السؤال والتضرع؟، وأين الإجابة وشهود الفضل والمنة؟
والله عزَّ وجلَّ أجود الأجودين .. وأكرم الأكرمين .. وأرحم الراحمين .. سبقت رحمته غضبه .. وكتب على نفسه الرحمة .. يحب الإحسان والجود، والعطاء والبر.
فالفضل كله بيده، والخير كله منه، والجود كله له، وأحب ما إليه أن يجود على عباده، ويوسعهم فضلاً، ويغمرهم إحساناً وجوداً، ويتم عليهم نعمته، ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه، فهو سبحانه الجواد لذاته، وجود كل جواد من جوده.
ومحبته سبحانه للجود والإعطاء والإحسان فوق ما يدور ببال الخلق .. وفرحه سبحانه بعطائه وجوده أشد من فرح الآخذ بما يعطاه .. ولكن الآخذ غائب بلذة أخذه عن لذة المعطي وسروره وابتهاجه.
والله تبارك وتعالى جميل في ذاته، وجميل في أسمائه وصفاته وأفعاله، فهو جل جلاله الجواد لذاته، كما أنه الحي لذاته، وجوده العالي من لوازم ذاته.
والعفو أحب إليه من الانتقام .. والرحمة أحب إليه من العقوبة .. والفضل أحب