وهذه المعرفة .. وهذه العبودية .. هما غاية الخلق والأمر .. وهما أعظم كمال الإنسان.
والله عزَّ وجلَّ من عنايته بالإنسان ورحمته له عرضه لهذا الكمال، وهيأ له أسبابه الظاهرة والباطنة، ومكنه منها.
ومدار التكليف على الإسلام والإيمان والإحسان، وما يتضمنه ذلك من اتصاف العبد بكل خلق جميل، وإتيانه بكل فعل جميل، وقول سديد، واجتنابه لكل خلق سيئ، وترك كل فعل قبيح.
وذلك كله متضمن لمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، والإحسان إلى الخلق مع تعريضه بذلك التكليف للثواب الجزيل الدائم، ومجاورة ربه في دار البقاء.
فأي الأمرين أليق بالحكمة .. ؟.
هذا التكليف والتشريف .. أو إرساله هملاً كالخيل والبغال والحمير .. يأكل ويشرب وينكح .. ويفعل ما شاء كالبهائم.
وكيف يليق بذلك الكمال طي بساط الأمر والنهي، والثواب والعقاب عنه؟.
وكيف تكون حاله لو لم يرسل الله الرسل إليه، وينزل الكتب عليه، ويشرع الشرائع له .. ؟.
وهل عرف الله حقاً من جوز عليه خلاف ذلك .. ؟.
بل ذلك من سوء الظن بالله، نعوذ بالله من ذلك: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} [الأنعام: 91].
آهٍ لمشتت القلب والعقل .. أيليق بالعزيز الكريم أن يترك الإنسان سدى يتردى في أودية الهلاك تائهاً سكراناً من بين الخلائق .. ؟ ويموت لا ذاكراً ولا شاكراً .. ؟.
أيصح هذا .. ؟، أيعقل هذا .. ؟، أيليق به هذا .. ؟.