الأشياء في غير مواضعها اللائقة بها، أو يمنعها من هو أهل لها؟.
وأجل النعم التي أنعم الله بها على العباد هي نعمة الإيمان بالله، ومعرفته ومحبته طاعته، والرضا به، والإنابة إليه، والتوكل عليه، ولزوم عبوديته، وهذا كله من تمام حكمته ورحمته بعباده.
والله سبحانه من حكمته خلق الأضداد كما خلق الليل والنهار .. والحر والبرد .. والداء والدواء .. والعلو والسفل .. والذكر والأنثى .. واليابس والماء.
وكذلك الأرواح منها الطيب والخبيث .. وكذلك القلوب منها الشريف الزكي .. ومنها القلب الخسيس الخبيث.
وهو سبحانه أعلم بالقلوب الزاكية، والأرواح الطيبة، التي تصلح لاستقرار نعم الله فيها، وإيداعها عندها، ويزكو بذرها فيها.
فليس من الحكمة أن يبذر الإنسان البر في الصخور والسباخ، وفاعل ذلك غير حكيم ولا رشيد.
فما الظن ببذر الإيمان والقرآن والحكمة في المحال التي هي أخبث المحال، فهو سبحانه العليم الحكيم، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، ويضع أمانته.
وهو سبحانه أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده، ويقوم بحقها، ويصبر على أوامره، ويشكره على نعمه، ويعظمه ويتقرب إليه سبحانه، ومن لا يصلح لذلك.
وكذلك الله عزَّ وجلَّ أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله، وإبلاغ دينه، فإن الله نظر في قلوب العباد، فرأى قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب أهل الأرض، فاختصه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد، فرأى قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته.
فالله عزَّ وجلَّ إذا علم من محل أهلية لفضله ومحبته، ومعرفته وتوحيده، حبب إليه ذلك، ووضعه فيه، وكتبه في قلبه، وأعانه عليه، ويسر له طرقه، وأغلق دونه الأبواب التي تحول بينه وبين ذلك، ثم تولاه بلطفه وتدبيره، فلا يزال يعامله