الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، لو أدركوا ذلك لظلوا أبداً معلقي القلوب والأبصار، راجفي الأرواح والأوصال، لا يركنون إلا للواحد القهار: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)} ... [يونس: 3].
وما أعظم نعم الله على العباد في خلق هذه الأرض الذي أودعها خالقها ما لا يحصى من النعم.
فهي ذلول وحلوب .. وهي مذللة للسير عليها بالقدم .. وعلى الدابة .. وعلى السيارة .. وعلى الفلك التي تمخر البحار .. ومذللة للزرع والجني والحصاد .. ومذللة للحياة فيها بما تحويه من هواء وماء وتربة تصلح للزرع والإنبات.
هذه الأرض التي نراها ثابتة مستقرة ساكنة، وهي دابة متحركة، بل رامحة راكضة، وهي في الوقت نفسه ذلول لا تلقي براكبها عن ظهرها، ولا تتعثر خطاها، ولا تهزه وترهقه كالدابة غير الذلول.
ثم هي حلوب كما هي ذلول، فكم يخرج الله منها من المياه؟، وكم يخرج الله منها من الثمار والحبوب؟، وكم يخرج الله منها من البترول والغاز والمعادن؟.
فهذه النعم والأرزاق يسوقها الله إلينا من كل مكان.
فهل أدينا حق الله علينا من العبادة والطاعة؟.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} ... [البقرة: 21، 22].
إن هذه الدابة التي نركبها تدور بأمر الله حول نفسها .. وتدور حول الشمس .. وتدور مع المجموعة الشمسية .. فهذه ثلاث دورات للأرض.
فسبحان من خلقها، وسبحان من أمسكها، وسبحان من أجراها وحركها.
ومع هذا الركض كله، يبقى الإنسان على ظهرها آمناً مستريحاً، مطمئناً معافى، لا تتمزق أوصاله، ولا تتهدم بيوته، ولا يقع مرة عن ظهره هذه الدابة الذلول: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ