والبشر يبدون في هول الزلازل والبراكين، والخسوف والعواصف، خلقاً ضعافاً مهازيل، لا يملكون شيئاً، ويقف الإنسان أمامها صغيراً هزيلاً، حسيراً مرعوباً، حتى يأخذ الله بزمامها فتلين وتسكن بأمره.
والقرآن يذكر البشر الذين يخدعهم سكون الدابة، ويغرهم الأمان، بنسيان خالقها وممسكها ومروضها، يذكرهم بهذه الجمحات التي لا يملكون من أمرها شيئاً، والأرض الثابتة تحت أقدامهم ترتج وتمور، وتقذف بالحمم وتفور.
والريح من حولهم تتحول إلى إعصار حاصب لا تقف له قوة في الأرض من صنع البشر، ولا تصده عن التدمير، يحذرهم وينذرهم بقوله: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)} [الملك: 17].
وهذا الفضاء العظيم الواسع بين السماء والأرض من خلقه؟.
ومن ملأه تارة بالنور الشامل .. وتارة بالظلام الدامس؟.
ومن ملأه تارة بالحرارة .. وتارة بالبرودة؟.
ومن ملأه بالهواء اللطيف تارة .. وبالعواصف المدمرة تارة؟.
ومن سير فيه الشمس الجارية .. والقمر الساري .. والكواكب النيرة؟.
ومن سير فيه السحب المتراكمة .. والذرات الطائرة .. والطيور السابحة؟.
فسبحان من له الخلق والأمر، والتصريف والتدبير، والدين والشرع.
وسبحان الخلاق العليم ... الذي خلق السماء والأرض ... وخلق الكبير والصغير ... وخلق البر والبحر ... وخلق اليابس والرطب ... وخلق كل شيء.
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62)} [غافر: 62].