كل فرد منها معجز في خلقه .. معجز في تصريفه .. معجز في طريقة حياته .. معجز في نموه وتكاثره وولادته .. بحيث لا يزيد جنس عن حدود معينة تحفظ وجوده وامتداده .. وتمنع طغيانه على الأجناس الأخرى طغيان إبادة وإفناء.
فسبحان العليم الحكيم الذي يمسك بزمام الأنواع والأجناس، يزيد فيها وينقص بحكمة وتقدير، ويضع في كل منها من القوى والخصائص والوظائف ما يحفظ التوازن بينها جميعاً.
فالإبل والبقر، والغنم والمعز خلقها الله عزَّ وجلَّ لمنافع العباد كما قال سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)} [يس: 71 - 73].
فسبحان العزيز الكريم الذي سخرها للإنسان يأكل من لحومها، ويشرب من ألبانها، ويلبس من أصوافها، ويفترش من أوبارها.
وهذه الأنعام قليلة النسل، إذ قلما تلد في السنة إلا واحداً، ولكن الله سبحانه جعل فيها البركة، فهي مع قلتها وكثرة من يأكلها من البشر والسباع إلاأنها أكثر الحيوانات نماءً وكثرةً وبركة ومنافع.
والنسور من الطيور الجارحة الضارية وعمرها مديد، ولكنها في مقابل هذا نزرة قليلة البيض والفراخ بالقياس إلى العصافير.
وكيف يكون الأمر لو كان للنسور نسل العصافير؟.
إنها ستقضي على جميع الطيور، وتحرم منها بقية الأجناس والبشر.
فسبحان من أكثر من هذا، وقلل من هذا لمصالح عباده.
والأسود كذلك في عالم الحيوان كاسرة ضارية، والفهود كذلك والنمور كذلك.
كيف تكون الحال لو كانت تنسل نسل الشياه والضباء؟.
إنها ما كانت لتبقي على لحم تجده من حيوان أو إنسان.