ومن رحمة الله بالبشرية، أنه كلما انحرفت عن منهج الله، بعث إليها رسولاً يردها إليه، حتى ختمهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وتسلمت أمته من بعده إبلاغ هذا الدين والقيام عليه في أنحاء الأرض كما قال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم: 52].
والمنهج هو الهدى الذي أرسل الله به رسله:
دعوة إلى التوحيد والإيمان بالله .. وترغيب في الطاعات .. وتحذير من المعاصي .. وأمر بكل خير .. وتحذير من كل شر.
وقيمة الشيء ترتفع بقدر ما فيه من الصفات، وكذلك قيمة المسلم عند الله ترتفع بقدر ما يحمل من الإيمان، وما يقوم به من الأعمال الصالحة.
وبنو آدم كثيرون، ولكن الله اشترى منهم أحسنهم وأفضلهم وأكملهم، وهم المؤمنون، فهؤلاء خير الناس، وأحسن الناس، وأغلى الناس.
والسلعة إذا خفي عليك قدرها .. وأردت أن تعرف قيمتها.
فانظر المشتري لها من هو؟، وانظر إلى الثمن المبذول فيها؟، وانظر إلى من جرى على يديه عقد الشراء؟.
فالسلعة النفس المؤمنة .. والمشتري لها هو الله عزَّ وجلَّ .. وثمنها جنات النعيم .. والسفير في هذا العقد خير خلقه من الملائكة، وأكرمهم عليه، وهو جبريل - صلى الله عليه وسلم - .. وخير خلقه من البشر، وأكرمهم عليه، وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وصفات هذه السلعة الإيمان والأعمال الصالحة: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111].
لقد خلق الله آدم من الأرض، فمن الطين كوّن الله كل عناصر جسده، فيما عدا سر الحياة الذي لا يدري أحد كيف جاء، وفيما عدا تلك النفخة العلوية التي جعلت منه إنساناً.
ونحن نجهل كنه هذه النفخة، وهذه الروح، فما أحد يعلمها إلا الله كما قال سبحانه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا