ومنهم من يكون محبوساً على باب الجنة.
ومنهم من يكون محبوساً في قبره.
ومنه من يكون محبوساً في الأرض، لأن روحه سفلية أرضية.
ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني.
ومنها أرواح تسبح في نهرالدم.
فمقر الأرواح مختلف .. أرواح في أعلى عليين .. وأرواح في أسفل سافلين .. كل بحسب عمله.
والأرواح مع كونها في السماء تتصل بفناء القبر وبالبدن منه، وهي أسرع شيء حركة وانتقالاً، وصعوداً وهبوطاً، بعضها مرسل، وبعضها محبوس.
والروح في جسد الإنسان بدار غربة، ولها وطن غيره، فلا تستقر إلا في وطنها، وقد أمرت بمساكنة هذا الوطن الكثيف، وهي تحن إلى وطنها في المحل الأعلى حنين الطيور إلى أوكارها.
وأعظم عذاب الروح انغماسها وتدسيتها في أعماق البدن، واشتغالها بملاذه، وانقطاعها عن ملاحظة ما خلقت له، وما هيئت له، وعن وطنها ومحلها ومنزل كرامتها.
ولكن سكر الشهوات يحجبها عن مطالعة هذا الألم والعذاب، فإذا صحت من سكرها تحسرت على ما فاتها من كرامة الله.
فالمؤمن في هذه الدار سبي من دار الجنة والنعيم إلى دار التعب والعناء، ثم ضرب عليه الرق فيها، فكيف يلام على حنينه إلى داره التي سبي منها، وفرق بينه وبين ما يحب، وجمع بينه وبين عدوه؟.
فروحه دائماً معلقة بذلك الوطن، وبدنه في الدنيا.
ولهذا كان المؤمن غريباً في هذه الدار، أين حل منها فهو في دار غربة، إلى أن تنقضي ويصير إلى وطنه ومنزله.
والروح نؤمن بوجودها في البدن، ولا نعلم كيفيتها، ولا اختصاص للروح