القسم الثالث: ظالم بتكذيبه وضلاله فأوعده بنزل من حميم وتصلية جحيم.
وأما ما يؤيد الله به أولياءه من الروح فهي روح أخرى غير هذه الروح كما قال سبحانه: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22].
وكذلك الروح التي يلقيها الله على من يشاء من عباده هي غير الروح التي في البدن كما قال سبحانه: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)} [غافر: 15].
فالوحي للقلوب بمنزلة الروح للجسد، فكما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش، فكذلك القلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
والقوى التي في البدن تسمى أرواحاً، فيقال الروح الباصر، الروح السامع، الروح الشام، فهذه الأرواح قوى مودعة في الأبدان، تموت بموت الأبدان، وهي غير الروح التي لا تموت بموت الأبدان.
ويطلق الروح على أخص من هذا كله، وهو قوة المعرفة بالله، والإنابة إليه ومحبته، وانبعاث الهمة إلى طلبه وإرادته، ونسبة هذا إلى الروح كنسبة الروح إلى البدن، فإذا فقدتها الروح كانت بمنزلة البدن إذا فقد روحه.
وهي الروح التي يؤيد الله بها أهل طاعته وولايته، ولهذا يقال فلان فيه روح، وفلان ليس فيه روح.
فللعلم روح، وللإحسان روح، وللإخلاص روح وهكذا.
والناس متفاوتون في هذه الأرواح، فمنهم من تغلب عليه فيصير روحانياً، ومنهم من يفقدها، أو يفقد أكثرها فيصير أرضياً بهيمياً، أو إبليساً.