أوليائه، ليتضرعوا إليه، ويقفوا ببابه: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة: 55].
فهؤلاء لما قدموها على مراضي ربهم، وعصوا الله لأجلها، عذبهم الله بها في الدنيا بهم القلب، وتعب البدن، وانتقلوا من الدنيا إلى الشقاء الدائم في نار جهنم.
فالدنيا التي تشغل العبد عن طاعة الله هي عدو له .. وهي كالجيفة فكيف نقعد على موائدها؟ .. وهي كالحمام فكيف نعشق البقاء فيها؟.
والآخرة أغلى من الجواهر فكيف لا نسارع إليها؟.
والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولو لم يكن من هوانها إلا كون الله الحق تبارك وتعالى يعصى فيها، فذلك كاف في بغضنا لها.
والناس في العمل في الدنيا قسمان:
منهم من اجتهد على الدنيا ثم راح وتركها، فهو يحاسب على حلالها، ويعاقب على حرامها.
والذين اجتهدوا على الدنيا صنفان:
منهم من حصلها فبغى وطغى، وتجبر واستكبر، فصارت زاده إلى النار.
ومنهم من خسرها فحصد الهم والحزن، وتحمل الديون، وحقوق العباد.
والذين اجتهدوا لكسب الآخرة قسمان أيضَا:
منهم من اشتغل بالعبادة وأعمال البر فقط، فهذا إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه مسلم [1].
ومنهم من اشتغل بالعبادة، والدعوة، وتعليم الأمة أحكام دينها، فهذا عمله مستمر، لأن كل من اهتدى بسببه، أو تعلم بسببه، فله مثل أجره. [1] أخرجه مسلم برقم (1631).