والصفات والأخلاق الحميدة، يتفكر كيف يعرفها، ويتخلق بها، ويدعو الناس إليها، ليتجملوا بها.
والصفات والأخلاق السيئة، يتفكر كيف يعرفها، ويحذرها، ويحذر الناس منها.
وأما الفكر في أسماء الرب وصفاته، وفي أفعاله وأحكامه:
فتوجب له التمييز بين الإيمان والكفر .. والتوحيد والشرك .. ووصفه بما هو أهله من العزة والجبروت .. والكبرياء والعظمة .. والجلال والإكرام .. وتنزيهه عما لا يليق به.
وجماع ذلك الفقه في معاني أسماء الله وصفاته، وجلالها وكمالها، وتفرده بذلك، وتعلقها بالخلق والأمر.
فيكون فقيهاً في أسماء الله وصفاته .. فقيهاً في أوامر الله ونواهيه .. فقيهاً في قضاء الله وقدره .. فقيهاً في الأوامر الكونية القدرية .. فقيهاً في الأحكام الدينية الشرعية .. فقيهاً في دنياه وأخراه .. فقيهاً في الاستفادة من أوقاته.
ومن طلب ذلك ساقه الله إليه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت: 69].
ومن وفقه الله لذلك عرف ربه، وعرف ما يوصل إليه، وعرف ما له من الثواب والإكرام بعد القدوم عليه: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد: 21].
ولا شيء أنفع للقلب من تدبر كلام الله عزَّ وجلَّ، والتفكر فيه، فهو الذي يولد التعظيم للمعبود، ويورث المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والصبر والشكر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله واستنارته.
وكذلك تدبر القرآن يزجر العبد عن جميع الصفات المذمومة، والأفعال السيئة التي يحصل بها فساد القلب وهلاكه.