والإحساس، ومعرفة القلب، ورؤية البصر.
وقد شبهت المراتب الثلاث بمن أخبرك أن عنده عسلاً وأنت لا تشك في صدقه، ثم أراك إياه فازددت يقيناً، ثم ذقت منه.
فالأول علم اليقين، والثاني عين اليقين، والثالث حق اليقين.
ويحصل اليقين للإنسان من أربعة أبواب:
السمع .. والبصر .. والكلام .. والفكر.
فإذا سمع الإنسان كلام الله ورسوله تأثر بذلك.
وإذا نظر إلى آيات الله الكونية وآياته الشرعية تأثر بذلك.
وإذا تفكر في عظمة الله وكبريائه، وعظمه مخلوقاته وأفعاله تأثر بذلك.
وإذا تكلم في عظمة الله، وعظمه أسمائه وصفاته، وتحدث بنعمه وآلائه جاء عنده اليقين، وتأثر بذلك.
فإذا استعمل الإنسان هذه القوى في معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله تأثر القلب فجاء عنده اليقين على ربه، ولم يلتفت لغيره.
فاليقين يورث التأثر .. ثم يأتي التوجه إلى الله .. ثم تأتي الرغبة في الأعمال الصالحة .. ثم تأتي السعادة في الدنيا والآخرة.
واليقين لا يحصل إلا بالمجاهدة، فالقائم على النار يخاف منها ولا يلتفت إلى سواها، فكيف إذا وقف أمام الخالق الجبار كيف لا يخافه هيبةً وإجلالاً وتعظيماً.
والطفل الصغير إذا أراد شيئاً من أمه أو أبيه سأله بيقين، لأنه لا يعرف غيرهما، فكذلك المسلم إذا سأل ربه باليقين، ولم يلتفت إلى غيره أجابه كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة: 186].
والبكاء سبب لحصول المراد، فالطفل يبكي كلما أراد شيئاً من أمه أو أبيه، ولا يزال يبكي حتى يحصل على ما يريد.