والملائكة أهل طاعة مطلقة، فقد كانوا أولى الخلق بالطمأنينة، ولكنهم دائبون في تسبيح ربهم واستغفاره:
استدراراً لمغفرته ورحمته .. ولما يحسون من علوه وعظمته .. ولما يعلمون من جماله وجلاله .. ولما يخشون من التقصير في طاعته وحمده.
بينما أهل الأرض المقصرون الضعاف يكفرون وينحرفون في أقوالهم وأفعالهم، حتى إن السموات ليكدن يتفطرن من فوقهن من شذوذ بعض أهل الأرض، وإشراكهم بالله وكفرهم به.
بينما الملائكة الكرام يستغفرون لمن في الأرض جميعاً من هذه الفعلة الشنعاء التي جاء بها بعض المنحرفين: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)} [الشورى: 5].
فتشفق الملائكة من غضب الله، ويروحون يستغفرون لأهل الأرض، مما يقع في الأرض من معصية وتقصير لفاطر السموات والأرض، ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، كما أخبر الله عنهم بقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)} [غافر: 7].
وقد وكل الله بالعرش ملائكة يحملونه .. وملائكة حوله يطوفون به .. لهم زجل بالتسبيح والتقديس والتعظيم لربهم .. صافون لا يسأمون ولا يفترون عن العبادة لربهم .. لا يغشاهم نوم العيون .. ولا سهو العقول .. ولا فترة الأبدان .. ولا غفلة النسيان .. ولا شراب ولا طعام.
يا حسرة على العباد ماذا علموا، وماذا جهلوا، من عظمة الرب وقدرته وجلاله وجماله وكبريائه؟.
وما الذي غرهم حتى أعرضوا عن ربهم، فعصوه وأطاعوا عدوه؟.