فهذا القرآن خوطبت به أمة حية ذات وجود.
ووجهت به أحداث واقعية في حياة الأمة.
واستقامت به حياة إنسانية في هذه الأرض.
وأديرت به معركة ضخمة في داخل النفس الإنسانية، وفي رقعة من الأرض كذلك.
فكانت النتائج طيبة مباركة، سعادة من تمسك به في الدنيا والآخرة، وخذلان من خالفه وشقاءه في الدنيا والآخرة.
ذلك هو جيل الصحابة الذين تلقوا الدين والإيمان مباشرة قلبياً وعملياً من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
والقرآن هو القرآن .. والإنسان ما يزال هو الإنسان .. والقرآن هو خطاب الله لكل إنسان إلى يوم القيامة.
فالكون يتحرك بأمر الله الكوني القدري، والإنسان كذلك يجب أن يتحرك بأمر الله الديني الشرعي، ليوافق الكائنات في العبادة والطاعة، فالكون له أوامر .. والإنسان له أوامر .. وكل إليه راجعون.
فهل نستفيد من القرآن كما استفاد الصحابة؟، وهل نعمل به كما عملوا لنسعد في الدنيا والآخرة؟.
يا ويح البشرية إن الدواء والشفاء الذي يشفيها من عللها وأمراضها موجود بين أيديها ولكنها لا تستفيد منه: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة: 15، 16].
وتلك مصيبة، ومصيبة أعظم منها، أنها تطلب شفاءها وسعادتها فيما يزيد آلامها، ويوسع جراحها، ويشقيها في الدنيا والآخرة، مما يخالف كتاب ربها وهدى نبيها - صلى الله عليه وسلم -، من قوانين الأمم الكافرة الأخرى.