يدعونهم إلى ربهم، ويبينون لهم كيف يعبدونه.
فلله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى في الأولين والآخرين.
هو أحق من عُبد، وأحق من حُمد، وأكرم من سُئل، وأرأف من مَلك، وأعظم من عَفا.
ورسل الله إلى خلقه هم أفضل البشر على الإطلاق.
لأنهم يدعون الناس إلى ربهم، ويهدونهم إلى خالقهم، ويتعبون من أجل راحتهم.
فما أسعد من آمن بهم، وتشرف بصحبتهم واتباعهم، وما أحسن صحبتهم في الدنيا والآخرة، وإنما ينال العبد ذلك إذا أطاع الله ورسوله كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)} [النساء: 69، 70].
وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذاقوا طعم صحبته في الدنيا يتشوقون إلى صحبته في الآخرة، فقد كان أمر الصحبة في الآخرة يشغل قلوبهم وأرواحهم.
وإنه حقاً لأمر يشغل كل قلب ذاق محبة هذا الرسول الكريم، وعرف ما قام به، وما جاء به من الخير.
عن رَبِيعَةُ ابْنُ كَعْبٍ الأسْلَمِيُّ، قال: كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ، فَأتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ». فَقُلْتُ: أسْألُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» أخرجه مسلم [1].
وقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ» متفق عليه [2].
وهذه المحبة للرسل إنما تنشأ من معرفة عظمة ما جاءوا به من الخير .. ومن [1] أخرجه مسلم برقم (489). [2] متقق عليه، أخرجه البخاري برقم (6170) واللفظ له، ومسلم برقم (2641).