عليهم ميثاقه بالإيمان به.
فهو رسوله إلى أهل الكتاب، كما أنه رسوله إلى العرب، ورسوله إلى الناس كافة، في مشارق الأرض ومغاربها، وفي كل زمان، وكل مكان.
فلا مجال لإنكار رسالته من عند الله، أو الادعاء أنها خاصة بالعرب، أو أنها غير موجهة إلى أهل الكتاب: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)} [المائدة: 15].
فهو رسول الله إلى الناس وإليكم، ودوره أن يبين لكم ويكشف ما تواطأتم على إخفائه، من حقائق كتاب الله الذي معكم.
وقد أخفي اليهود كثيراً من أحكام الشريعة كرجم الزاني، وتحريم الربا، وقصة أصحاب السبت الذين مسخهم الله قردة وخنازير.
وأخفى النصارى الأساس الأول للدين وهو التوحيد، فقالوا تارة إن الله ثالث ثلاثة، وتارة قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم، وتارة قالوا المسيح ابن الله.
كما أخفى أهل الكتاب خبر بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف: 157].
والله تبارك وتعالى يتودد إلى أهل الكتاب، ويبين لهم أنه بُعث إليهم، وإلى غيرهم رسولاً يهديهم إلى ربهم، بعدما ضلوا وانحرفوا عن الحق كما قال سبحانه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)} [المائدة: 19].
إن الله الذي خلق هذا الكون وعجائبه، وسيره بأوامره، هو الذي خلق الإنسان