إن الإسلام الذي بعث الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الإٍسلام في صورته النهائية الأخيرة، ليكون دين البشرية كلها، ولتكون شريعته هي شريعة الناس جميعاً، ولتهيمن على كل ما كان قبلها، وتكون هي المرجع النهائي، ولتقيم منهج الله للحياة البشرية حتى يرث الله الأرض ومن عليها .. ويحكم بها بين الناس: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 48].
ولا يحل لأحد أن يترك شريعة الله في أي حال، طالما أنه ليس هناك رسول جديد ولا رسالة جديدة.
لقد أكمل الله عزَّ وجلَّ لنا هذا الدين، وتمت به النعمة على العباد، ورضيه الله منهج حياة للناس أجمعين، ولم يعد هناك من سبيل لتعديل شيء فيه أو تبديله، ولا لترك شيء من حكمه إلى حكم آخر، ولا شيء من شريعته إلى شريعة أخرى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وقد علم الله سبحانه حين رضيه للناس أنه يسع الناس جميعاً، وعلم حين رضيه مرجعاً أخيراً أنه يحقق الخير للناس جميعاً، وعلم سبحانه أن معاذير كثيرة يمكن أن تقوم، وأن يبرر بها العدول عن شيء مما أنزل الله.
وحذر سبحانه من اتباع أهواء الضالين الذين في نفوسهم رغبة خفية لتأليف القلوب ولو على غير الدين، ومن مسايرة بعض رغباتهم عندما تصطدم ببعض أحكام الشريعة.
وقد حذر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - من اتباع الأهواء، ومن فتنتهم له عن بعض ما أنزل الله إليه فقال سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} [المائدة: 49].
وبذلك أغلق الله عزَّ وجلَّ مداخل الشيطان كلها، وبخاصة ما يبدو منها خيراً