وحده بين عباده فهناك العدل والفضل والكرم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [النساء: 40].
والإيمان باليوم الآخر، حاجز عن الصراع والمنافسة في حطام الدنيا وملذاتها، والخوض في الحرمات والمحرمات، بلا تحرج ولا حياء.
فهناك الدار الآخرة فيها عطاء، وفيها غناء، وفيها عوض عما يفوت.
والإيمان بالآخرة يخفف من السعار الذي ينطلق من الشعور بأن الفرصة الوحيدة المتاحة هي فرصة هذ العمر القصير المحدود، فيطمئن قلبه أن النعيم الأوفى والأدوم ينتظره في الآخرة.
والإيمان باليوم الآخر أعظم أركان الإيمان بعد الإيمان بالله، ذلك أن الإيمان باليوم الآخر يقوم على أساس أن الله خلق الإنسان ليستخلفه في الأرض، بعهد منه يتناول كل صغيرة وكبيرة من نشاط الإنسان في الأرض.
وأن الله خلقه واستخلفه ليبتليه في حياته الدنيا ثم ينال جزاءه بعد نهاية الابتلاء.
وهذا الإيمان هو الذي يكف قلب المسلم وسلوكه وعمله في هذه العاجلة، فهو يمضي في طريق الطاعة، والقيام بالحق، وفعل الخير، سواء كانت ثمرة ذلك في الأرض راحة له أم تعباً، نصراً له أم هزيمة، حياة له أم موتاً، لأن جزاءه هناك في الدار الآخرة بعد نجاحه في الابتلاء جنة عرضها السموات والأرض.
إن الإيمان باليوم الآخر يعطي الإنسان طاقة وقوة، فلا يزحزحه عن الطاعة والحق، والخير والبر أن تقف له الدنيا كلها بالمعارضة والأذى، والشر والقتل، فهو إنما يتعامل مع ربه العزيز الرحيم، وينفذ عهده وشرطه، وينتظر الجزاء المضمون هناك.
وما أقصر هذه الحياة الدنيا التي تزحم حسن الناس، وتشغل نفوسهم، وتأكل أوقاتهم، إنها رحلة سريعة يقضيها الإنسان هناك، ثم يعود إلى مقره الدائم، وداره الأصلية: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)} [يونس: 45].