الشرع والقدر.
فلو أن عدواً للإسلام قصده لكان هذا بقدر الله، ويجب على المسلم دفع هذا القدر بقدر يحبه الله ويأمر به وهو الجهاد في سبيل الله بيده وماله وقلبه، دفعاً لقدر الله بقدر الله.
الثالث: الحكم الديني الشرعي، وهو الدين الذي شرعه الله لعباده.
فهذا حقه أن يتلقى بالتسليم والقبول، بل بالانقياد المحض وترك المنازعة.
وهذا تسليم العبودية المحضة، فلا يعارض ولا يرى إلى خلافه سبيلاً البتة، وإنما هو الانقياد التام، والتسليم والإذعان، والقبول لما جاء به الله ورسوله.
وهذه حقيقة القلب السليم الذي سلم من كل شبهة تعارض إيمانه وإقراره، وسلم من كل شهوة تنازع مراد الله من تنفيذ حكمه.
فهذا حق الحكم الديني: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب: 36].
والطاعات والمعاصي كلها واقعة بقضاء الله وقدره، وكلها عدل، والدل وضع الشيء في موضعه، والظلم وضع الشيء في غير موضعه، كتعذيب المطيع، ومن لا ذنب له، فهذا قد نزّه الله نفسه عنه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [النساء: 40].
والله سبحانه وإن أضل من شاء، وقضى بالمعصية والغي على من شاء، فذلك محض العدل فيه، لأنه وضع الإضلال والخذلان في موضعه اللائق به، كما وضع الهداية والنصر في موضعه اللائق به.
فأفعاله سبحانه كلها حق وعدل، وسداد وصواب.
والله سبحانه قد أوضح السبل .. وأرسل الرسل .. وأنزل الكتب .. وأزاح العلل .. ومكن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع والأبصار والعقول .. وهذا عدله.
ووفق جل وعلا من شاء بمزيد عناية، وأراد من نفسه أن يعينه ويوفقه، فهذا