وقد يكون وقوع تلك الطاعة منه، يتضمن مفسدة هي أكره إليه سبحانه من محبته لتلك الطاعة كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)} [التوبة: 46، 47].
والطاعة: هي موافقة الأمر الشرعي، لا موافقة القدر والمشيئة.
ولو كانت موافقة القدر طاعة لله لكان إبليس من أعظم المطيعين لله، ولكان قوم نوح وعاد وثمود، وقوم لوط وقوم فرعون، كلهم مطيعين لله.
فيكون سبحانه قد عذبهم أشد العذاب على طاعته، وانتقم منهم لأجلها، وهذا غاية الجهل بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه.
والله عزَّ وجلَّ خالق كل شيء وربه ومليكه.
والعبد مأمور بطاعة الله ورسوله، ومنهي عن معصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أطاع كان ذلك نعمة من الله يثاب عليها.
إن عصى ربه كان مستحقاً للذم والعقاب، وكان لله عليه الحجة البالغة، وكل ذلك كائن بقضاء الله وقدره.
لكن الله عزَّ وجلَّ يحب الطاعة ويأمر بها، ويثيب أهلها على فعلها ويكرمهم.
ويبغض المعصية وينهى عنها، ويعاقب أهلها ويهينهم.
وما يصيب العبد من النعم فالله أنعم بها عليه، وما يصيبه من الشر فبذنوبه، وكل ذلك كائن بمشيئة الله وقدره.
فلا بد للعبد أن يؤمن بقضاء الله وقدره، وأن يوقن بشرع الله وأمره.
فإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله.
وآدم - صلى الله عليه وسلم - لما أذنب تاب فاجتباه ربه وهداه.
وإبليس لما أذنب أصر واستكبر، واحتج بالقدر وكفر، فلعنه الله وأقصاه.
فمن أذنب وتاب كان آدمياً .. ومن أذنب واحتج بالقدر كان إبليسياً.