يدعو إلى الشر.
وهو سبحانه رب كل شيء ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة، ونعمة سابغة، ورحمة عامة وخاصة.
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، يفعل ما يشاء لا لمجرد قدرته وقهره، بل لكمال علمه وقدرته، وحكمته ورحمته.
ومن حكمته ما أطلع بعض خلقه عليه، ومنه ما استأثر سبحانه بعلمه.
والله عزَّ وجلَّ له الحجة البالغة على جميع خلقه، حيث أنزل عليهم الكتب، وأرسل إليهم الرسل، وأعطاهم الأسماع والأبصار والعقول، التي يعرفون بها ربهم، وما شرعه لهم.
ومع هذا فلو شاء سبحانه لهدى الخلق أجمعين إلى اتباع شريعته، كما خلقهم أجمعين، وكما فطر جميع الكائنات على معرفته وعبادته.
لكنه سبحانه يمن على من يشاء، فيهديه فضلاً منه وإحساناً.
ويحرم من يشاء، لأن المتفضل له أن يتفضل، وله ألا يتفضل، فترك تفضله على من حرمه عدل منه وقسط، وله في ذلك حكمة بالغة كما قال سبحانه: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)} [الأنعام: 149].
والقدر قدران:
أحدها: قدر مطلق مثبت، وهو ما في أم الكتاب، اللوح المحفوظ، الإمام المبين، فهذا لا يتبدل ولا يتغير، ولا يعلمه إلا الله وحده.
الثاني: قدر معلق أو مقيد، وهو ما في صحف الملائكة، فهذا الذي يقع فيه المحو والإثبات كما قال سبحانه: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} [الرعد: 39].
والقدر الذي هو علم الله ومشيئته وكلامه غير مخلوق.
أما المقدرات من الآجال والأرزاق والأعمال والأحوال فكلها مخلوقة.
وكذلك الشرع الذي هو أمر الله ونهيه غير مخلوق، لأنه كلامه.