فجاءت طبيعته عند القدرة بأنواع الأشر والبطر، والإعراض عن شكر المنعم عليه، كما أعرض عن ذكره والتضرع إليه في الضراء.
فبلية هذا وبال عليه وعقوبة له، ونقص في حقه، وبلية الأول تطهير له، وترقية له، ورحمة له.
والشر لا يدخل في شيء من صفات الله ولا في أفعاله، كما لا يلحق ذاته تبارك وتعالى، فإن ذاته لها الكمال المطلق من جميع الوجوه.
وما يفعله من العدل بعباده، وعقوبة من يستحق العقوبة منهم هو خير محض، إذ هو محض العدل والحكمة، وإنما يكون شراً بالنسبة إليهم.
وهنا أمران:
أحدهما: ما هو شر أو يتضمن الشر، فإنه لا يكون إلا مفعولاً منفصلاً، لا يكون وصفاً لله، ولا فعلاً من أفعاله.
الثاني: أن كونه شراً أمر نسبي إضافي، فهو خير من جهة تعلق فعل الرب به، وشر من جهة نسبته إلى من هو شر في حقه.
فالسارق إذا قطعت يده فقطعها شر بالنسبة إليه، وخير محض بالنسبة لعموم الناس، لما فيه من حفظ أموالهم، ودفع الضرر عنهم.
وهو خير بالنسبة إلى متولي القطع أمراً وحكماً ومباشرة.
لما في ذلك من الإحسان إ لى عبيده، بإتلاف هذا العضو الفاسد المؤذي المضر بهم، فهو محمود على حكمه بذلك وأمره به وتنفيذه.
وكل ما خلقه من خير وشر له فيه حكمة، والضرر الذي يحصل بالشر لله فيه حكمة مطلوبة ليس شراً مطلقاً، وإن كان شراً بالنسبة إلى من تضرر به، لكنه مغمور بالنسبة لما حصل به من النفع، ولذلك لا يضاف الشر وحده إلى الله عزَّ وجلَّ.
بل الشر له ثلاثة أحوال:
أحدها: إما أن يدخل في عموم المخلوقات، ومن هذا أسماء الله المقترنة