رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 155 - 157].
ونعم الله على عباده على ثلاث درجات:
الأولى: نعمة الإيجاد: فالله وحده هو الذي أوجد المخلوقات كلها.
الثانية: نعمة الإمداد: فبعد إيجادهم أمدهم الله بأرزاقهم فرداً فرداً، وجيلاً بعد جيل.
الثالثة: نعمة الهداية للإسلام، وهذه خاصة بالإنس والجن.
فأرسل الله إليهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ليسعدوا في الدنيا والآخرة.
فمن قبل النعمة نجا وسعد في الدنيا والآخرة.
ومن ردها هلك وشقي في الدنيا والآخرة:
{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} [البقرة: 38، 39].
والمنَّة تكدر النعمة، وهذه منّة المخلوق على المخلوق، وإنما قبحت منّة المخلوق، لأنها منّة بما ليس منه، وهي منّة يتأذى بها الممنون عليه، وهي مذمومة مبطلة للثواب كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264].
أما منَّة الخالق على المخلوق فبها تمام النعمة ولذتها وطيبها كما قال سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران: 164].
وهل المنَّة كل المنَّة إلا لله المانّ بفضله، والذي جميع الخلائق من مننه وفي مننه، وما طاب العيش إلا بمنَّته سبحانه.