السرة.
فلما خرج من بطن الأم، وانقطعت تلك الطريق، فتح الله له طريقين اثنين لبناً خالصاً.
فإذا تمت مدة الرضاع، وانقطع الطريقان بالفطام، فتح له مولاه طرقاً أربعة أكمل منها، طعامان من النبات والحيوان، وشرابان من المياه والألبان.
فإذا مات الإنسان، انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة، وفتحت له إن كان سعيداً طرقاً ثمانية، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
وهكذا الله عزَّ وجلَّ الكريم المنان لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له، وليس ذلك إلا للمؤمن.
والله حكيم عليم قسم الأرزاق بين عباده بالسوية، ونعم الله ظاهرة وباطنة، ومن الناس من لا يرى إلا النعم الظاهرة، ويغفل عن النعم الباطنة.
وبعض الناس يرى أنه ينبغي أن يعطى فوق ما هو فيه، ويرى أنه مظلوم مع الرب، لا ينصفه ولا يعطيه مرتبته، وأن ينبغي أن ينال الثريا، ولكنه مظلوم مبخوس الحظ.
وهذا الضرب من الخلق من أبغض الخلق إلى الله، وأشدهم مقتاً عنده، لا يذكرون إلا ما ينبغي لهم، ولا يذكرون ما يجب عليهم لله وخلقه.
وحكمة الله عزَّ وجلَّ تقتضي أن هؤلاء لا يزالون في سفال، فهم بين عتب على الخالق، وشكوى له، وذل لخلقه، وحاجة إليهم، وخدمة لهم.
أشغل الناس قلوباً بأرباب الولايات والمناصب، ينتظرون ما يقذفون به إليهم من عظامهم وغسالة أيديهم.
وأفرغ الناس قلوباً عن معاملة الله، والانقطاع إليه، والتلذذ بمناجاته والطمأنينة بذكره، والافتقار إليه، وبث الشكوى له.
وليس لأحد حجة على الله، بل لله الحجة على الناس جميعاً فقد خلقنا وأعطانا المكان .. وأعطانا الزمان .. وأعطانا العقل .. وأعطانا السمع والبصر .. وأرسل